قال تعالى
فلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ
إن من يقسم لا بد أن يقسم بعظيم
لذلك فالإنسان مطالب بالقَسَم
بالله تعالى وحده
إذ لا عظيم غيره
أما الله جل جلاله فإنه يقسم بما شاء من مخلوقاته
فهو لا عظيم غيره
ونقرأ القَسَم في آيات كثيرة من القرآن الكريم ، لكن ثمة قسم واحد خُــصه الله جل جلاله بوصف عظيم
قال الله عز وجل في سورة الواقعة
فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ
وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ
فلماذا خص الله عز وجل مواقع النجوم ؟؟
من بين كل ما أقسم به ليؤكد لنا أنه قسم عظيم ؟
بل لماذا خص المواقع بالقسم
ولم يقسم بالنجوم نفسها مباشرة ؟
ففي العصر الحديث وبعد التقدم العلمي الكبير لا سيما في مجال الفلك ، ظهرت حقائق جديدة ومدهشة تبين بجلاء لماذا أقسم الله عز وجل بمواقع النجوم ؟؟
وخص هذا القسم بوصف العظمة
فقد ثبت علميا
أن الإنسان لا يرى النجوم أبدا
قد يبدو ذلك غريبا مذهلا
وهو في الحقيقة آية من آيات الله المبهرة
فإن ما نراه في صفحة السماء ليس إلا للمواقع التي كانت النجوم فيها
ثم غادرتها وانتقلت في جريانها الدائب عبر السماء
فالنجومَ ببعدها الكبير عنا نحن أهل الأرض ، لا يصل إلينا ضوئها إلا بعد مدة من الزمن تكون هذه النجوم خلالها قد تركت تلك المواقع التي كانت فيها وواصلت سيرها في الكون العظيم
أو ربما انتهت أعمارها فانفجرت أو انطمست
لكن ضياءها لا يزال يتلألأ في ظلمة السماء ويصل إلينا
فالشمس مثلا وهي أقرب نجم إلينا إذ إن بعدها عنا يبلغ 150 مليون كيلومتر تقريبا يصل إلينا ضوئها في مدة تساوي ثماني دقائق تقريبا
لأن سرعة الضوء هي 300 ألف كيلومتر في الثانية
ولما كانت الشمس تجري لمستقر لها
فإن هذا يعني أنها خلال هذه الدقائق الثمانية التي يستغرقها الضوء للوصول إلينا تكون قد تحركت عن الموقع الذي صدر منه الضوء والذي نراها فيه
بمسافة تقارب عشرة آلاف كيلومتر
تلك هي المسافة التي تكون الشمس قد قطعتها
بعيدا عن موقعها الذي نراه
وهي أقرب النجوم إلينا
فما بالنا بالمسافات الهائلة التي تكون قد قطعتها النجوم الأخرى البعيدة ؟؟
التي تبدو لنا صغيرة جدا لبعدها الكبير عنا مع أن حجمها قد يكون أكبر من شمسنا بآلاف المرات
إنها دقة القرآن وروعة بيانه
كان من الجائز أن يكون القسم بالنجوم نفسها
وهي وحدها آية كما أقسم بالشمس والفجر وغيرهما
لكنه سبحانه وتعالى
خص مواقع النجوم بالقسم
وبعد تقدم العلم الذي أثبت لنا حقيقة مذهلة تتعلق بالنجوم
وهي أننا لا نرى إلا صورا قديمة لها حين كانت في تلك المواقع قبل أن تتجاوزها
ونحن حين نراها
لا تكون في ذلك المكان بل ما نراه ليس إلا ضوء النجوم في المواقع السابقة لها