دمشق والتاريخ المسجد الأموي في دمشق
أطلال معبد جوپيتر في مدخل
سوق الحميديةأقدم عاصمة ومدينة في الحضارة الانسانيةلمدينة
دمشق العريقة (تاريخ يرتبط فيه التاريخ) فهي قديمة
بقدم الإنسانية وعاصمة للكثير من الممالك والحضارات والامبراطوريات والدول
عبر التاريخ وحاضرة قائمة منذ اقدم العصور ، مرت بها وعرفتها كافة الحضارات
التي قامت في الشرق واهم الامبراطوريات في الغرب ، كانت موطنا
للآراميين في أواخر الألف الثاني قبل الميلاد، تعاقب على حكمها
الآشوريون والكلدانيون و
الرومان والفرس، وسقطت بأيدي
الاسكندر الأكبر عام 333 ق.م. وبعد وفاته، أصبحت دمشق جزءاً من
المملكة السلوقية. احتلها الإمبراطور الروماني
بومبيي الأكبر عام 64 ق.م وأصبحت من أهم المدن في العصر الروماني . دخلت المسيحية إلى
دمشق في السنوات الأولى لانتشار المسيحية ، وأصبحت فيما بعد مركزاً مسيحياً
مهماً أنارت الدنيا بالحضارة ومنها انطلق القديسين والرسل لنشر والتبشير
بالديانة المسيحية منهم
القديس بولص . وقد ارتبط تاريخ دمشق بالعالم اليوناني لفترة تقدر بحوالي عشرة قرون، عرفت المدينة خلالها ازدهار
الحضارة الهلنستية،
حيث تمازجت عناصر الثقافة اليونانية مع الحضارة السورية الشرقية وثقافته
وكذلك كافة الحضارات التي مرت بالمدينة في العصور القديمة .
دمشق بعد الفتح الإسلامي صحن
المسجد الأمويأصبحت مدينة
دمشق في
القرن السابع وبعد الفتح الاسلامي للمدينة أهم المدن الإسلامية ومنارة للعلم والأدب ومرجع وموطن للقادة والعلماء والمفكرين ، وتحولت المدينة في
العصر الأموي من مركز ولاية إلى عاصمة أكبر امبراطورية إسلامية
الدولة الاموية تمتد شرقا إلى حدود
الصين ، والى جلال الرانس ومياه المحيط الأطلسي
والأندلس غربا . ارتفعت قصور الخلفاء في العاصمة الأموية وامتدت فيها مساحة العمران، وكان من أهم مبانيها في ذاك العهد
جامع بني أمية الكبير الذي بني في عهد الخليفة
الوليد بن عبد الملك مكان معبد جوبيتر ، وهو الصرح الذي يبقى واحدا من أجمل المباني العربية
الإسلامية في العالم. ويتألف الجامع الأموي من قاعة كبيرة للصلاة وصحن
خارجي فسيح كبير . وتتكون قاعة الصلاة الداخلية من ثلاثة أروقة متوازية
تفصل بينها أقواس متناسقة مرفوعة على أعمدة أثرية من الرخام تعود إلى
العصور التي سبقت العصر الأموي . ولهذا المسجد ثلاث مآذن تعود إلى ثلاث حقب
مختلفة، الأولى تتوسط الجدار الشمالي وتعرف بمئذنة العروس وهي اقدم مئذنة
في تاريخ الإسلام ، الثانية في الناحية الشرقية وتعرف بمئذنة عيسى، أما
الثالثة فهي في الناحية الغربية وتعرف بمئذنة قايتباي، السلطان المملوكي.
وفي دمشق اوابد واثار كثيرة وفيها الشارع المستقيم الذي ورد ذكره في
الإنجيل .
قبة خزانة دمشق في المسجد الأموي
القرون الوسطى قبة ضريح
نور الدين زنكيفي النصف الثاني من
القرن الثامن، اتخذ
العباسيون من مدينة
بغداد عاصمة لهم، ودخلت جيوشهم
دمشق أهم حاضرة في ذلك الزمان لتقضي فيها على خصومهم من رجال بني أمية. في زمن تضعضع السلطة العباسية، ارتبطت دمشق ب
الدولة الطولونية قبل أن تخضع
للفاطميين، وقد تعرضت في تلك الحقبة لغزوات
القرامطة الذين احتلوها مرات عدة، مما أحدث فيها الكثير من الخراب والدمار، بعد الفاطميين، بسط
السلاجقة سلطتهم على دمشق التي حكمها
الأتابكة في شكل مستقل . قاوم
معين الدين أنر وحارب الصليبين
الفرنجة وصد الحصار الذي فرضته قواتهم في
داريا بالقرب من دمشق ودافع عن المدينة وحافظ على استقلاليتها ، وجاء من بعده
نور الدين محمود زنكي واتحذ من دمشق عاصمة له واصبحت
دمشق عاصمة الايوبين ومنطلقهم لتحرير جميع البلاد الاسلامية .
تمثال صلاح الدين أمام
قلعة دمشق.
من
دمشق انطلق
صلاح الدين الايوبي فوحّد المشرق ومد نفوذه إلى مصر مع القائد
أسد الدين شيركوه الذي ارسله
نور الدين زنكي من
دمشق لمواجهة الصليبين وتوحيد البلاد الاسلامية على امتداد الساحل السوري
الشامي وبلاد مصر ، وكانت المدينة حاضرة هامة في العصر الفاطمي وبموت
الخليفة الفاطمي
العاضد سنة
1171، بعد فترة من الركود استعادت
دمشق بريقها واحتلت مركز الصدارة في كافة الميادين الثقافية السياسية والعسكري والادبية والعلمية في المشرق العربي .
أهم معالم تلك الفترة ال
بيمارستان النوري، وهو اليوم متحف العلوم و
الطب العربي حيث تعرض أجمل نماذج الخطوط التي استعملت للمرة الأولى أثناء حكم نور الدين. كذلك
حمام نور الدين في
البزورية، وهو أقدم
حمامات دمشق الكثيرة، ولا يزال يعمل إلى اليوم. أيضا تبرز
مدرسة نور الدين حيث يرقد الحاكم الكبير في تربته وسط صالة مربعة تقتصر زينتها على الآية القرآنية:
«وَسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زُمرا حتى إذا جاءوها وفُتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين
» (الزمر 73). أيضا من معالم دمشق
قلعتها ذات الأبواب الأربعة، التي اتخذها الكثير من الحكام مسكنا لهم:
نور الدين الزنكي و
صلاح الدين الأيوبي والملك
الظاهر بيبرس وغيرهم من القادة والعلماء .
العصر المملوكي و العثماني قبر
صلاح الدين الأيوبي قرب
الجامع الأموي في
دمشق القديمةكانت ولاية دمشق من أكبر ولايات
السلطنة المملوكية وأهمها حيث عُرفت باسم "نيابة الشام"، وقد امتدت حدودها إلى
الفرات و
الرستن شرقا وشمالا، والى
البحر المتوسط غربا، وإلى
غزة و
الكرك جنوباً. في عهد السلطان الظاهر بيبرس و
السلطان قلاوون، شهدت المدينة حركة عمرانية كبيرة ، وشيد فيها عدد كبير من المساجد والمدارس. وقد انتهت تلك الحقبة مع دخول قوات
تيمورلنك وما حملته من دمار للمدن الاسلامية ومنهم دمشق . إلا أن هذه الكارثة لم
تمنع دمشق من النهوض من جديد فعادت حركة العمران والبناء والتشييد ، وازدهر
فيها النشاط الصناعي والتجاري والثقافي والعلمي ، في زمن احتدم الصراع
بين الفئات المتصارعة حول الحكم في العهد المملوكي الأخير.
إثر الهزيمة التي مني بها المماليك في
معركة مرج دابق عام 1516، تحولت
سورية إلى جزء من أمبراطورية
العثمانيين الشاسعة وغدت
دمشق حاضرة من أكبر واهم المدن في الدولة العثمانية وأهمها بعد
اسطنبول . أولى الحكّام العثمانيون دمشق أهمية كبرى كأهم المدن في العالم الاسلامي واطلقوا عليها
شام شريف ، وحافظت المدينة على مركزها التجاري والصناعي والثقافي في الشرق ،
كما أنها كانت محطة تتوقف فيها قوافل الألوف من الحجّاج الذين كانوا
ينطلقون منها إلى الديار المقدّسة. وقد حرص الولاة على ضمان الأمن في
المدينة، وشيّدوا فيها صروحا جديدة، كما أنهم اهتموا بترميم الجوامع
والحمّامات والأسواق القديمة والعناية بالمدينة . من أشهر المعالم التي
تعود إلى تلك الحقبة التاريخية الطويلة،
التكية والجامع اللذان يحملان اسم
السلطان سليم الأول، والتكية المعروفة
بالسليمانية، وهي من تصميم
المعماري سنان الذي ارتبط اسمه بتشييد صروح إسطنبول الشهيرة. وينتهي العهد الحضاري العثماني مع تعاظم "أهوال التغريب". وبالتوازي مع ازدهار
دمشق تزدهر حلب التي تستقطب السفراء الغربيين لتغدو المدينة الثالثة في
الإمبراطورية العثمانية بعد اسطنبول ودمشق . وقد شهدت حركة البناء في
المدينة آخر تجلياتها الشرقية في القرن الثامن عشر عبر ما يُعرف بالبيوت
الدمشقية المميزة ، وأشهرها
بيت خالد العظم ، و
بيت أحمد السباعي ، و
بيت النابلسي، و
بيت القوتلي ، و
بيت دحدح، و
بيت المعلم. وقد سحرت هذه البيوت الراقية الرحالة الذين تدفّقوا على المشرق، ومنهم الأسباني
پاديا الذي زار مدينة دمشق وشبهة بيوتها بالقصور لروعتها وتميزها.