حياته :هو عبد الملك بن قريب ، ينتهي نسبه إلى مضر ، ويلقب بالأصمعي نسبة إلى أحد جدوده أصمع ، ويكنى أبا سعيد ، ولد في البصرة ودرس على أبي عمرو بن العلاء ، والخليل ، وخلف الأحمر ، وغيرهم من أئمة عصره .
وأكثر الخروج إلى البادية ، واختلط بالأعراب وساكنهم وأخذ عنهم ، حتى اجتمع له من الأخبار والأشعار والنوادر والغريب شيء كثير ، واتصل بالرشيد واختص به ، فأجزل له العطاء ، وكانت وفاته بالبصرة أيام المأمون ، وعرف بالتقوى والتدين ، وقوة الحافظة والظرف ، ولكنه كان بخيلا .
آثاره :
ذكر له ابن النديم نحو أربعين كتابا أكثرها في اللغة ثم في الشعر ، ولم إلينا إلا بعضها ، منها في الشعر : الأصمعيات وهي مجموعة اختارها من شعر الشعراء المتقدمين ، وضمنها شيئا من النقد ، ورجز العجاج وهو مجموع ما رواه الأصمعي للعجاج من الأراجيز ، ومنها في اللغة : كتاب أسماء الوحوش ، وكتاب أسماء الإبل ، وكتاب الخيل ، وغير ذلك .
منزلته :
للأصمعي منزلة جليلة في اللغة والرواية والأدب حتى أصبح اسمه بعد موته صفة تدل على سعة الاطلاع ، فيقال هذا رجل أصمعي ، وتعود شهرته في كثرتها على ما أسند إليه من أقاصيص وسير تداولها الناس كقصة عنترة وغيرها .
وكانت تآليفه في اللغة مستندا وثيقا للمعاجم الكبرى ، وامتاز الأصمعي في فصاحته وبيانه ، وحسن إنشاد الشعر حتى ليضيع عنده الرديء والجيد .
واشتهر بقوة الذاكرة ، وعرف الأصمعي بمهارته في نقد الشعر ، وأخذ ذلك عن أستاذه خلف الأحمر.
الاصمعي والاعرابي
في احد الايام كان الاصمعي جالس مع اصدقائه على وليمة طعام وكانو يتبادلون اطراف الحديث
فاذا باعرابي متطفل يأتي ويجلس على المائدة بدون اي سلام او كلام وبدأ يأكل بشراهة
وبدأ زيت الطعام يسيل على لحيتهِ ويديه والاصمعي واصحابه ينظرون اليه
فقال له الاصمعي
كأنك أثلة ٌ في ارض هش ِ .... أتاها وابلٌ من بعد رش ِ
فضحك اصحاب الاصمعي على الاعرابي
فقال الاعرابي للأصمعي
كأنك بعرة ٌ في دبر كبش ِ .... مدلاة ٌ وذاك الكبش يمشي
فضحك اصحاب الاصمعي على الرد فأراد الاصمعي ان يحرج الاعرابي فقال للاعرابي :-
أو تقول الشعر : فقال الاعرابي : كيف لا وانا امه وابوه .
فقال له الاصمعي اكملي هذا الصدر من بيت الشعر فقال الاصمعي :
قومٌ بنجد قد عرفناهمُ ....
فقال الاعرابي :
سقاهم الله من النو الاصمعي : نو ماذا
نوٌ تلالا في دجا ليلةٍ .... مظلمةٍ حانكة اللو الاصمعي : لو ماذا
لو سارَ فيها فارس لنثنى .... على بساط الارض منطو الاصمعي : منطو ماذا
منطوي الكشح هضيم القنا .... كالباز ينقض من الجو الاصمعي : جو ماذا
جو السما والريح تعلو به .... فأشتم ترب الارض فأعلو الاصمعي : اعلو ماذا
اعلو لما عيل من صبرهِ .... وصار نجوى القوم ينعو الاصمعي : ينعو ماذا
ينعو رجالٌ للفنا شرعت .... كفيت ما لاقوا ويلقو الاصمعي : يلقوا ماذا
ان كنت لا تفهم ماقلته .... فأنت عندي رجلٌ بو الاصمعي : بو ماذا
البو سلخٌ قد حشي جلده .... بالف قرنان تقم او الاصمعي : او ماذا
فحمل الاعرابي حجرٌ بيده وقال :
او اضرب الرأس بصلالة .... تقول من ضربتها قو
ويقول الاصمعي خشيت ان يفعلها فسكت : ويقول ايضا فقد بحثت في الشعر العربي
فلم اجد اصعب من الواو الساكنة في نهاية الشعر.
ماهو البو : تلميح
عندما تلد البقرة ويموت ابنها وتعرف بمماته فسوف لن تدر الحليب
فيقوم العرب بسلخ جلد ابنها وتحنيطه وايقافه في مكان بعيد عنها
لكي ترى انه على قيد الحياة وتستمر في در الحليب.