( ممَا جَاءَ فِي : أَنَّ فِي الْمَالِ حَقًّا سِوَى الزَّكَاةِ )
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَدُّوَيْهِ حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ شَرِيكٍ
عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ الشَّعْبِيِّ
عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ رضى الله عنهم أنها قَالَتْ :
سَأَلْتُ أَوْسُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ و على آله و صحبه وَ سَلَّمَ
عَنْ الزَّكَاةِ فَقَالَ :
( إِنَّ فِي الْمَالِ لَحَقًّا سِوَى الزَّكَاةِ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ
{ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ .. الْآيَةَ } )
الشـــــــــــــــروح :
قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَدَّوَيْهِ (
بِفَتْحِ الْمِيمِ وَ تَشْدِيدِ الدَّالِ ، قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ : مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مَدَّوَيْهِ ـ
بِمِيمٍ وَ تَثْقِيلِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ ـ الْقُرَشِيُّ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ التِّرْمِذِيُّ صَدُوقٌ مِنَ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ .
قَوْلُهُ : ( إِنَّ فِي الْمَالِ لَحَقًّا سِوَى الزَّكَاةِ )
كَفِكَاكِ أَسِيرٍ وَ إِطْعَامِ مُضْطَرٍّ وَ إِنْقَاذِ مُحْتَرَمٍ ، فَهَذِهِ حُقُوقٌ وَاجِبَةٌ غَيْرُهَا ،
لَكِنَّ وُجُوبَهَا عَارِضٌ فَلَا تَدَافُعَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ خَبَرِ : لَيْسَ فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ .
قَالَهُ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ . وَ قَالَ الْقَارِي فِي الْمِرْقَاةِ :
وَ ذَلِكَ مِثْلُ أَنْ لَا يَحْرِمَ السَّائِلَ وَ الْمُسْتَقْرِضَ ، وَ أَنْ لَا يَمْنَعَ مَتَاعَ بَيْتِهِ مِنَ الْمُسْتَعِيرِ
كَالْقِدْرِ وَ الْقَصْعَةِ وَ غَيْرِهِمَا ، وَ لَا يَمْنَعَ أَحَدًا الْمَاءَ وَ الْمِلْحَ وَ النَّارَ .
كَذَا ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ وَ غَيْرُهُ ، انْتَهَى .
) ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ إلخ ) أَيْ قَرَأَهَا اعْتِضَادًا وَ اسْتِشْهَادًا ،
وَ الْآيَةُ بِتَمَامِهَا هَكَذَا
{ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ
وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ
وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ
وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ }
قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : وَجْهُ الِاسْتِشْهَادِ أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ إِيتَاءَ الْمَالِ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ
ثُمَّ قَفَّاهُ بِإِيتَاءِ الزَّكَاةِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ فِي الْمَالِ حَقًّا سِوَى الزَّكَاةِ ،
قِيلَ : الْحَقُّ حَقَّانِ : حَقٌّ يُوجِبُهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ ،
وَ حَقٌّ يَلْتَزِمُهُ الْعَبْدُ عَلَى نَفْسِهِ الزَّكِيَّةِ الْمُوَقَّاةِ مِنَ الشُّحِّ الْمَجْبُولِ عَلَيْهِ الْإِنْسَانُ ، انْتَهَى .