السلام عليكم و رحمة الله
بسم الله الرحمن الرحيم
ماجاء في مباشرة الحائض
حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مِنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ إِذَا حِضْتُ يَأْمُرُنِي أَنْ أَتَّزِرَ ثُمَّ يُبَاشِرُنِي قَالَ وَفِي الْبَاب عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَمَيْمُونَةَقَالَ أَبُو عِيسَى حَدِيثُ عَائِشَةَحَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌوَهُوَ قَوْلُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ وَبِهِ يَقُولُ الشَّافِعِيُّوَأَحْمَدُ وَإِسْحَقُ
الشــــــــــروح تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي
قَوْلُهُ : ( عَنْ سُفْيَانَ ) هُوَ الثَّوْرِيُّ (عَنْ مَنْصُورٍ ) هُوَ ابْنُ الْمُعْتَمِرِ ( عَنْ إِبْرَاهِيمَ ) هُوَ النَّخَعِيُّ ( عَنِ الْأَسْوَدِ ) هُوَ ابْنُ يَزِيدَ بْنِ قَيْسٍ .
( يَأْمُرُنِي أَنْ أَتَّزِرَ) قَالَ الْحَافِظُ فِيالْفَتْحِ : كَذَا فِي رِوَايَتِنَاوَغَيْرِهَا بِتَشْدِيدِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ بَعْدَ الْهَمْزَةِ ، وَأَصْلُهُأَأْتَزِرَ بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَ الْهَمْزَةِ الْمَفْتُوحَةِ ثُمَّالْمُثَنَّاةِ بِوَزْنِ أَفْتَعِلُ . وَأَنْكَرَ أَكْثَرُالنُّحَاةِ الْإِدْغَامَ ، حَتَّى قَالَ صَاحِبُ الْمُفَصَّلِ : إِنَّهُ خَطَأٌ ، لَكِنْ حَكَاهُ غَيْرُهُ أَنَّهُمَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ ، حَكَاهُ الصَّغَانِيُّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ . وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ : إِنَّهُ مَقْصُورٌ عَلَى السَّمَاعِ ، انْتَهَى . وَقَالَالْكِرْمَانِيُّ : فِي قَوْلِ عَائِشَةَ وَهِيَ مِنْ فُصَحَاءِ الْعَرَبِ حُجَّةٌ ،فَالْمُخَطِّئُ مُخْطِئٌ ، انْتَهَى . وَالْمُرَادُ بِذَلِكَأَنَّهَا تَشُدُّ إِزَارَهَا عَلَى وَسَطِهَا .
( ثُمَّ يُبَاشِرُنِي ) مِنَ الْمُبَاشَرَةِ وَهِيَ الْمُلَامَسَةُ مِنْ لَمْسِبَشَرَةِ الرَّجُلِ بَشَرَةَ الْمَرْأَةِ ، وَقَدْ تَرِدُ الْمُبَاشَرَةُبِمَعْنَى الْجِمَاعِ وَالْمُرَادُ هَاهُنَا هُوَ الْمَعْنَى الْأَوَّلُبِالْإِجْمَاعِ . وَاسْتَدَلَّ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَقَالُوا : يَحْرُمُ مُلَامَسَةُ الْحَائِضِ مِنَ السُّرَّةِ إِلَىالرُّكْبَةِ ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَفِي وَجْهٍ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَحْرُمُ الْمُجَامَعَةُ فَحَسْبُ ، وَدَلِيلُهُمْ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُعَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍإِلَّا النِّكَاحَ كَذَا نَقَلَهُ الطِّيبِيُّ . وَلَعَلَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبَيَانِالرُّخْصَةِ ، وَفِعْلُهُ عَزِيمَةٌ تَعْلِيمًا لِلْأُمَّةِ ؛ لِأَنَّهُ أَحْوَطُفَإِنَّ مَنْ يَرْتَعُ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ ، وَيُؤَيِّدُهُمَا وَرَدَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ : قُلْتُ يَا رَسُولَاللَّهِ ، مَا يَحِلُّ لِي مِنَ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ؟ قَالَ : مَا فَوْقَ الْإِزَارِ وَالتَّعَفُّفُ عَنْ ذَلِكَأَفْضَلُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ ، كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ ، وَقَالَالْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ : وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنَالسَّلَفِ وَالثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ إِلَى أَنَّ الَّذِي يَمْتَنِعُ مِنَ الِاسْتِمْتَاعِبِالْحَائِضِ الْفَرْجُ فَقَطْ . وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَرَجَّحَهُ الطَّحَاوِيُّ ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَصْبَغَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ أَوِالْوَجْهَيْنِ لِلشَّافِعِيَّةِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ : هُوَ الْأَرْجَحُ دَلِيلًا لِحَدِيثِ أَنَسٍ ،وَفِي مُسْلِمٍ : اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍإِلَّا الْجِمَاعَ ، وَحَمَلُوا حَدِيثَ الْبَابِعَلَى الِاسْتِحْبَابِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ ، انْتَهَى . قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ : لَيْسَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ مَا يَقْتَضِي مَنْعَ مَاتَحْتَ الْإِزَارِ ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ مُجَرَّدٌ . انْتَهَى . وَيَدُلُّ عَلَىالْجَوَازِ أَيْضًا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُعَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَنَّهُ كَانَ إِذَاأَرَادَ مِنَ الْحَائِضِ شَيْئًا أَلْقَى عَلَى فَرْجِهَا ثَوْبًا "،انْتَهَى . وَقَالَ الْعَيْنِيُّ فِي عُمْدَةِ الْقَارِي: النَّوْعُ الثَّالِثُالْمُبَاشَرَةُ بَيْنَ السُّرَّةِ فِيمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فِيغَيْرِ الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ . فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ حَرَامٌ ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ الْوَجْهُ الصَّحِيحُ لِلشَّافِعِيَّةِ ، وَهُوَقَوْلُ مَالِكٍ وَقَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ ، مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَشُرَيْحٌ وَطَاوُسٌ وَعَطَاءٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ وَقَتَادَةُ ، وَعِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَأَبِي يُوسُفَ فِي رِوَايَةٍ يَتَجَنَّبُ شِعَارَ الدَّمِ فَقَطْ ،وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَيْهِ عِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ وَالشَّعَبِيُّ وَالنَّخَعِيُّوَالْحَكَمُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَصْبَغُ
...