س1 : ما هو أو ما حقيقة ( ٱلصِّرَٰطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ ) الذي يتصوره العبد وقت سؤاله ؟
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
( الجواب )
ج1 :
الجواب بعون الله تعالى وتعليمه ، فإنه لا علم لأحد من عباده إلا ما علمه ، ولا قوة له إلا بإعانته.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى: ولنذكر في الصراط المستقيم قولاً وجيزاً فإن الناس قد تنوعت عباراتهم عنه بحسب صفاته ومتعلقاته.
وحقيقته شيء واحد، وهو طريق الله الذي نصبه لعباده موصلاً لهم إليه ولا طريق إليه سواه، بل الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا طريقه الذي نصبه على ألسن رسله، وجعله موصلاً لعباده إليه وهو إفراده بالعبادة، وإفراد رسله بالطاعة، فلا يشرك به أحداً في عبادته ولا يشرك برسوله صلى الله عليه وسلم أحداً في طاعته. فيجرد التوحيد، ويجرد متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم.
وهذا معنى قول بعض العارفين: " إنَّ السعادة والفلاح كله مجموع في شيئين: صدق محبته وحسن معاملته " .
وهذا كله مضمون شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، فأي شيء فسر به الصراط المستقيم فهو داخل في هذين الأصلين. ونكتة ذلك، أن تحبه بقلبك وترضيه بجهدك كله ، فلا يكون في قلبك موضع إلا معموراً بحبه، ولا يكون لك إرادة متعلقة بمرضاتهه:
فالأول : يحصل بتحقيق شهادة أن لا إله إلا الله .
والثاني : يحصل بتحقيق شهادة أن محمداً رسول الله .
وهذا هو الهدى ودين الحق، وهو معرفة الحق والعمل به ، وهو معرفة ما بعث الله به رسوله والقيام به ، وقل ما شئت من العبارات التي هذا أحسنها وقطب رحاها.
وهي معنى قول من قال: علوم وأعمال ظاهرة وباطنة مستفادة من مشكاة النبوة .
معنى قول من قال: متابعة رسول الله ظاهراً وباطناً علماً وعملاً .
ومعنى قول من قال: الإقرار لله بالوحدانية والاستقامة على أمره .
وأما ما عدا هذا من الأقوال؛ كقول من قال: الصلوات الخمس، وقول من قال: حب أبي بكر وعمر، وقول من قال: هو أركان الإسلام الخمس التي بني عليها. فكل هذه الأقوال تمثيل وتنويع لا تفسير مطابق له؛ بل هي جزء من أجزائه وحقيقته الجامعة ما تقدم والله أعلم".
[ كتاب بدائع التفسير ]