غزة .. الآن بدأت المعركة

بقلم عبد الله السهلي
-----------
ولئن انتهت المعركة العسكرية فقد بدأت المعركة السياسية والقضائية التي يجب أن تطول كل مجرمي الحرب الإسرائيليين، ولا سيما أن شرفاء العالم سواء كانوا أفراداً أو جمعيات تخندقوا في خندق العدالة ونصرة المظلوم والمطالبة بمعاقبة مجرمي الحرب إحقاقاً للحق وانتصاراً للقيم النبيلة.

بعد أن انكشف غبار العدوان الإسرائيلي عن أرض غزة نقلت لنا وسائل الإعلام حجم الدمار الهائل الذي أحدثته الآلة العسكرية الإسرائيلية، ما يكشف لنا بجلاء مدى سادية وهمجية إسرائيل ليس تجاه الفلسطينيين فحسب بل تجاه الإنسانية كافة، إن ما حدث على أرض غزة عارٌ على جبين العالم المتحضر كله، وإن ما قامت به إسرائيل جريمة ضد الإنسانية جمعاء، كما عبر عن ذلك ريتشارد فولك مقرر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.

لقد أنطقت بشاعة الجريمة المقترفة في حق المدنيين كل من عايش الحدث أو زار غزة ووقف على حالها من كثب، ولعلي أسوق لكم بعض شهادات العيان على هذه الجريمة البشعة فقد نقلت شبكة الأخبار العربية عن البروفيسور غيلبيرت الذي عايش بنفسه جرائم الحرب الإسرائيلية خلال العدوان الذي بدأ في 27 كانون الأول (ديسمبر) وتوقف في 17 كانون الثاني (يناير). فقد أكد غيلبيرت أن ما رآه في غزة خلال العدوان يشبه ما ارتكبته النازية مع اليهود وسيكتبه التاريخ بصفحات من دم، بل إنه أكبر الفضائح الإنسانية على الإطلاق.

وأضاف أنه منذ اختار الفلسطينيون حماس في انتخابات ديمقراطية، بدأت إسرائيل حصارا جائرا ومنعت الماء والكهرباء والأدوية عن قطاع غزة، ثم قصفت بعد ذلك المدنيين والأطفال والمدارس المعروفة بأنها ملجأ للأمم المتحدة وقصفت أيضا المساجد ودور العبادة ولم تتوان في هذا الصدد عن استخدام الأسلحة المحرمة دوليا.

وفي السياق ذاته، ذكرت صحيفة "ذي إندبندنت أون صنداي" البريطانية أن قنابل تحتوي على مسحوق التنغستن قصفت بها إسرائيل الفلسطينيين في غزة، مؤكدة أنها قنابل تترك ضحايا بجروح غامضة وأن تل أبيب تواجه اتهامات باقتراف جرائم حرب في القطاع.

كما نسبت الصحيفة إلى الطبيب النرويجي إيريك فوس الذي عمل في مستشفيات غزة مع بداية الحرب، قوله إن إسرائيل استخدمت قنبلة "متفجرات المعدن الخامل ذات الكثافة العالية" أو "دايم".

وأوضح الطبيب أنه شاهد مصابين فلسطينيين بجروح بالغة دون ملاحظة شظايا بداخلها، مضيفا أنه عمل في مناطق حروب لأكثر من 30 عاما ولم يشهد مثل تلك الجروح، وأن الصور الطبية تتطابق مع ما تسببه قنابل "دايم" التي قد تسبب السرطان.

وفي السياق ذاته أكد ريتشارد فولك مقرر الأمم المتحدة الخاص لحقوق الإنسان في الضفة الغربية وقطاع غزة أن هناك أدلة على أن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب خلال عدوانها على قطاع غزة وأنه يجب أن يكون هناك تحقيق مستقل.

وأضاف أن إسرائيل لم تبذل أي جهد للسماح للمدنيين بالفرار من القتال، بل تعمدت حصار الناس في منطقة حرب وهذا أمر لا يختلف عن معسكرات الاعتقال في عهد النازية، قائلا: "كان من الممكن أن يكون هناك ترتيب مؤقت على الأقل للسماح للأطفال والعجزة والمرضى المدنيين بالمغادرة، جميع سكان غزة، الذين كانوا عالقين في منطقة الحرب دون أي إمكانية للمغادرة كلاجئين.

وبرغم هذه المصائب وهذا الدمار نجد تكاتف الشعب مع المقاومة وروح العزة والإباء التي تحلى بها أهل غزة إبان العدوان. ولئن انتهت المعركة العسكرية فقد بدأت المعركة السياسية والقضائية التي يجب أن تطول كل مجرمي الحرب الإسرائيليين، ولا سيما أن شرفاء العالم سواء كانوا أفراداً أو جمعيات تخندقوا في خندق العدالة ونصرة المظلوم والمطالبة بمعاقبة مجرمي الحرب إحقاقاً للحق وانتصاراً للقيم النبيلة، فقد أشارت صحيفة "الجارديان" البريطانية إلى أن منظمة العدل الدولية انضمت إلى الأمم المتحدة و"هيومن رايتس" لتجريم إسرائيل لخرقها القانون الدولي باستخدام قذائف الفوسفور الأبيض، كما أضافت أن نحو 300 منظمة حقوقية أعدت بالفعل ملفاً من 37 صفحة لتقديمه إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.

كما تقدمت رئيسة منظمة التحالف الدولي لمكافحة الإفلات من العقاب المحامية مي الخنساء برفقة عدد من المحامين الإسبان بشكوى إلى المحكمة الجنائية الدولية مدعمة الشكوى بعشرات التقارير والصور التي توثق لواقع الجرائم الإسرائيلية في غزة.

ولقد بدأت هذه الدعاوى تؤرق الإسرائيليين وتسبب قلقاً متزايداً في أوساط الجنرالات العسكريين والساسة، ولعل أبرزها تردد وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني في السفر إلى بروكسل خشية احتمال اعتقالها بتهمة ارتكاب جرائم حرب، كما نسبت صحيفة "هآرتس" إلى وزير كبير في الحكومة الإسرائيلية قوله: عندما ينكشف مدى الدمار الكامل الذي لحق غزة لن أسافر لقضاء عطلاتي في أمستردام، وعلقت الصحيفة بأن هذه الملاحظة الساخرة تعكس مستوى القلق الذي بدأ يساور قادة الحكومة الإسرائيلية، وعبر مسؤولون إسرائيليون للصحيفة عن قلقهم من المقابلات التي أجرتها وسائل إعلام مع ضباط تحدثوا خلالها عن هدم البيوت أو قتل وجرح مدنيين فلسطينيين في المناطق التي كانت تحت إمرتهم، لأن الاعتراف بالجريمة من جانب الضباط يعد أفضل إدانة بالنسبة لمنظمات حقوق الإنسان التي تسعى لفتح إجراءات قضائية ضد ضباط الجيش الإسرائيلي.

وأنا هنا أدعو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان إلى أن تنضم إلى الجمعيات الحقوقية المطالبة بتجريم إسرائيل وجنرالاتها، سيما أن نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية يتيح للمنظمات غير الحكومية تقديم مثل هذه الدعوى، وأن للمنظمات غير الحكومية حق الطلب إلى المحكمة الجنائية الدولية الشروع في التحقيق.

هذه صورٌ تؤكد سقوط إسرائيل أخلاقياً كما انهزمت عسكرياً، وتؤكد أن المعركة مع إسرائيل مفتوحة الجبهات العسكرية والسياسية والقضائية، إلا أن ثمة صوراً قاتمة في ظل معترك الحق والباطل، ومنها ما صدمتنا به وزارة الخارجية الإسرائيلية من إخراجها قائمة من الكتاب العرب الذين ناصروها في عدوانها على غزة، هؤلاء الكتّاب الذين جمعوا بين الغباء الفكري والبغاء السياسي – وما البغاء إلا تعدد الولاءات والأخدان - قد تنكروا لهويتهم واستدبروا إنسانيتهم ويمموا وجوههم شطر كنيست الإجرام، لم تحرك مشاعرهم صور القتل والدمار التي حلت بغزة وأهلها، وقد حاولوا إضفاء غطاء ثقافي لإسرائيل في عدوانها، غادرت قلوبهم الرحمة التي لم تغادر حتى بغي بني إسرائيل التي أشفقت على كلبٍ رأته يلهث من شدة العطش فسقته فدخلت بسببه الجنة.

-------------------------------------
خاطرة: نزار قباني .. ما أحسن حََسَنك!
والعالم العربي يرهن سيفه
فحكاية الشرف الرفيع سراب
أتكلم الفصحى أمام عشيرتي
وأعيد .. لكن ما هناك جواب
لولا العباءات التي التفوا بها
ما كنت أحسب أنهم أعراب
---------
((( منقــــــول )))

المخطط الصهيونى أصبح شىء معروف ومكشوف أمام العرب والعالم
ولمتى سنبقى فى النوم العميق أين نستيقظ ونعرف أن الخطر قائم
متى نتحد متى نفعل ما نقولة أمام الشاشات والميكروفونات متى يكون لنا كيان قوى
اتمنى ذلك تقبل تحياتى وشكرا لموضوعك

شكرا أخي الحبيب على مرورك الرائع
تقبل تحياتي وتقديري