"الحلقة الحادية عشرة"
بعد شد وجذب أقر شقيق الزوجة ووكيلها بأنه لم يكن هناك دخول شرعي خصوصا..
أنه كان حريصا على ذلك ليحصل على المهر كاملا..
ويلحق بي في اعتقاده أكبر ضرر ممكن.
بينما سيحصل على نصف المهر إذا لم يكن هناك دخول..
وقد أفهمه حضرة القاضي أن الطلاق قبل الدخول في صالح شقيقته لأنه ليس عليها والحال ما ذُكر عدة تعتدها..
ويمكن أن يتقدم لها عريس جديد ويعوضها ربي..
فانبلجت عشرة بالمائة من أسارير وجهه المتجهمة وقال:
إن شاء الله ربي يعوضها أحسن من هذا ألف مرة..
فنظر إليه القاضي والتفت إلي وقال:وبعد هذا ربي يعوضه إن شاء الله..
طبعا كنت قد دفعت المهر كاملاً فأخذتني عاطفة فقررت أمام القاضي التنازل عن نصف المهر الثاني لعروسي السابقة ومطلقتي الجديدة..
ولقد قابل أخوها ذلك الموقف الشهم النبيل من طرف العبد الفقير بتصعير الخد وقوطبة الجبين وحملقة العينين..
وحين طلب مني القاضي التلفظ بالطلاق ... ارتج عليّ وشعرت والله برهبة وخوف وقلق..
ولكنني استعنت بالله وتجلدت وقلت:زوجتي فلانة طالق طلقة واحدة..
انتهى المشهد المهيب وخرجنا من القاعة ونظرات صهري السابق تلاحقني ولقد كان بوده لو أمكنه الفتك بي..
وركبت السيارة وأنا شارد الذهن حيران..
ولقد ركبتني موجتان من الشعور في هذه الحال:
الموجة الأولى:أحسست بعبء ثقيل ينزاح عن كاهلي..وهم كبير يسقط عني..ولكن سرعان ما توارت هذه الموجة..
الموجة الثانية:شعرت بطلائع خفيفة من الحزن بدأت تظهر في فضاء قلبي ووجداني..
وكانت هذه الأحزان تتزايد وتتعاظم شيئا فشيئاً حتى تُوجت بدمعتين في محاجري..
صاح العديل:أين سرحت يا عريس الهنا؟؟..خيرها في غيرها..إن شاء الله ربي يعوضك أحسن منها..
والغريب أن عديلي هذا كحال كثير من زعماء عصرنا يحسن التنظير والتأطير في قضايا التعدد غير أنه لم يعدد حتى تلك اللحظة..
أنزلنا صاحبنا وتوجهنا إلى المنزل حيث أنزلني عديل الهنا ودخلت بيتي وكان الوقت قبيل الظهر..
وجدت طفلي نائمين وأما أمهما فقد بدأت تستعد لتحضير وجبة الغداء..
دخلت واجما حزينا وسلمت ويممت صوب السرير وألقيت بجسدي المنهك عليه..
وبدأت من جديد أستعرض شريط الذكريات في هذه التجربة التي كانت على مرارة ختامها ومع إخفاقها تجربة فيها ذكريات حلوة جميلة ومشاعر حب وهوى قُتلت في عز شبابها..
كان منظر عروسي والطلاق مهما كان فإن وقعه على المرأةشديد..
أقول كان منظرها أمامي أتخيلها تبكي وتكفكف دموعها وهي تندب حظها العاثر وكل شيء عند الله بمقدار...
ثم تسرح بي ذاكرتي من جديد فأتذكر اللحظات الحلوة والذكريات الجميلة والابتسامات والضحكات والنكات فأكاد أتبسم وعيناي قد اغرورقتا بالدمع..
ثم أتصورها وهي تجهش بالبكاء..فأشعر بمثل السكاكين في صدري وقلبي..
وفي هذه اللحظات العصيبة دخلت زوجتي ورأت حالي الكئيب فاقتربت مني على غير رغبة مني في مثل هذه الحال
وقالت:خيرا يا حبيبي..وش فيك..أنت جالس تبكي..
فتمالكت نفسي بصعوبة بالغة وأوقفت حركة البكاء القسري وأما عيناي فقد بقيت تذرفان الدمع دون توقف..
لم أجد بداً من إخبار زوجتي بطلاق عروسي..
فقعدت بجنبي تبكي أيضا..
ولقد لامتني والحق يقال على موضوع الطلاق وقالت:مهما يكن من شيء فهي لا تحب لبنت الناس إلا مثل ما تحب لنفسها..وكانت وما زالت صاحبة خلق ودين..
خرجت زوجتي بالطفل الكبير الذي استيقظ باكيا ومضفيا على تلك الأجواء الحزينة مزيداً من الإزعاج والبكاء والعويل..
بقيت لوحدي وأطلقت لنفسي ما كتمته من البكاء لعلي أخفف بعض الشيء عما يلتهب في صدري وقلبي من حزن وألم..
عموما انقضت عدة أسابيع وأنا أداوي جراح قلبي التي كانت تطيب وتندمل بهدوء..
وفي هذه الفترة أقبلت على عملي وزوجتي وطفلي الصغيرين
..
وفي مرة دُعيت إلى حفل زفاف لأحد الأصدقاء لزواجه بالثالثة..
وجلس بعض الرفاق يتمازحون حول التعدد ...
ويتضاحكون كعادة جماهير الرجال خصوصا في مثل حفلات الزفاف..
فسألني بعضُهم وقد أوتي حظه من ثقالة الظل والجسد:وش أخبارك يا عريس؟؟متى الحفلة؟؟..
ولقد عرف بعض الأصدقاء نبأ زواجي ولم يعرفوا خبر طلاقي..
فحاولت أتجنب الإجابة على سؤاله الممل دون جدوى..
فقلت:قريباً إن شاء الله..
--------------
((( منقول )))