أسمى الله المعظمين
اَلجامع ** المانع
أخى المسلم أولاً :-
أخى المسلم
أعلم أن الجامع هو المؤلف بين المتماثلات و المتباينات و المتضادات
أما جمع الله بين المتماثلات فيجمع الله الخلق الكثير من الأنسان على وجه الأرض
و يحشرهم فى صعيد واحد
و أما المتباينات من السموات و الكواكب و الهواء و الأرض و البحار و الحيوانات
و النبات و المعدن و هو مختلف الأجناس
و كل ذلك مباين الأشكال و الألوان و الطعوم و الأوصاف
و قد جمعها فى الأرض و جمع الكل فى العالم
و ذلك جمع بين اللحم و العصب و العروق و المخ و الدم و سائر الأخلاط فى الحيوانات
و أما المتضادات فجمعه بين الحرارة و البرودة و الرطوبة و اليبوسة
فى أمزجة الحيوانات و هى متنافرات متضادات
و قد بلغ وجوب الجمع و تفصيل جمعه
و لا يعرفه إلا من يعرف تفصيل مجموعاته فى الدنيا و الىخرة
و أعلم أن الجامع من الانسان من جمع بين البصر و البصيرة
و إذا تخلق الأنسان بهذا الأسم حصل له الكشف
و عرف طريق الجمع فى التوحيد
و فتح الله تعالى عينىّ قلبه حتى ينظر المتضادات و ما شاكلها
و الجامع فى وصف الله تعالى يكون ذاتيا و فعليا
أما الذاتى هو جمعه تعالى للفصائل كلها و الصفات الجميلة أجمعها
و لأن المعلومات محصورة فى علمه قبل إيجادها
و كيف لا يكون علمه جامعا لها وفق علمه و إرادته أوجدها بقدرته
و أما الفعلى فهو الذى دل عليه القرآن فى غيرما آية
فهو الجامع حقا جمع بين المتفرقات و المتماثلات و المتضادات
و هو سبحانه و تعالى الذى جمع الأجزاء و ألفها تأليفا مخصوصا و تركيبا مخصوصا
و هو الذى جمع بين قلوب الأحباب
و هو الذى جمع بين أجزاء الخلق عند النشر و الحشر بعد تفرقها
و بين الجسد و الروح بعد إنفصال كل منهما عن الأخر
و هو سبحانه الذى يجمع الخلق يوم القيامة ، و يجمع بين الظالم و المظلوم
قال ابن كثير
أنه سبحانه و تعالى يجمع خلقه يوم القيامة يوم معادهم و يفصل بينهم
و يحكم فيهم فيما اختلفوا فيه ، و يجزى كلا بعمله
و ما كان عليه فى الدنيا من خير و من شر
أخى المسلم
إن أسم الله الأعظم الجامع
له معان كثيرة لكل معنى منها سر يطلع الله عليه من شاء من عباده
الجامع هو الذى جمع قلوب اوليائه إلى شهود عظمته و صانهم عن ملاحظة الاغيار برحمته
و هذا نابع من شدة تعلق قلوبهم بحب خالقهم عز و جلّ
و فيه تعبير صادق عن أحوالهم معه و مراقبتهم له
و شدة سعيهم فى طلب مرضاته و أعتقادهم الجازم بأن نواصى العباد بيده
و انه قد خص أوليائه بعظيم حبه و أذاقهم شيئا من حلاوة قربه
و قيل أيضاً أن الجامع هو الذى يجمع بين القلوب المتنافرة إن شاء و متى شاء
قال تعالى
( وَإِن يُرِيدُوا أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّـهُۚ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ ﴿٦٢﴾
وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْۚ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ
وَلَـٰكِنَّ اللَّـهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمۚ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )
( الانفال 62-63 )
إن الله سبحانه و تعالى يجمع خلق الأنسان فى بطن أمه نطفة ثم علقة
ثم مضغة ثم يكسو المضغة عظاما ثم يكسو العظام لحما
ثم ينشئه خلقا سويا كامل الأعضاء و الخلايا و سائر ما تستقر به حياته
مما لا يحصى عدده و لا يُدرك مداه و قبل جمعه فى بطن امه جمعه فى ظهر أبيه
قال تعالى
( وَ الَّذِي أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌۗ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ )
﴿٩٨﴾ الانعام
ولو ظل الباحث يبحث فى أحوال الأجنة وحدها
مستخدما فى ذلك أحدث الوسائل العلمية
ما عرف إلا شيئا يسيرا يوقفه عند حده بالأدب مع من خلق فسوى و قدر فهدى
و يشعره بجهله المطبق بما اودعه الخالق جلّ و علا فى الأجنه من الأسرار
قال تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَۚ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِۚ
هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْۖ
فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ )
﴿٣٢﴾ النجم
( وَيَقُولُ الْإِنسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا ﴿٦٦﴾
أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا ﴿٦٧﴾ )
( مريم 66 - 67 )
( قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِۖ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ
وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَۚ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ )
﴿ الاعراف 29 )
( أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ ﴿٧٧﴾
وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُۖ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ﴿٧٨﴾
قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ )
( 77- 79 يس )
( أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ ﴿٣﴾ بَلَىٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ )
(3 ، 4 القيامة )
صدق الله العظيم
إن الله عز و جلّ يجمع الخلق جمعا بعد جمع
فهو يجمع الناس مثلا من عناصر الأرض و هى كثيرة
فيأخذ منها سلالة تحمل تسع عناصر رئيسية
و من هذه العناصر التى تزيد على التسعين
فيجعلها فى أطعمة الناس و أشربتهم ثم يجعلها فى المنى
ثم يجعل فى المنى حيوانات منوية تبلغ مئات الملايين
ثم يخرجها من مستقرها فى ظهر الرجل إلى مستودعها فى رحم المرأة
ثم يصور الله الخلق فى الأرحام كيف يشاء سبحانه
أخى المسلم
إن من المعلوم لدى العقلاء أن القادر على البدء قادر على الإعادة
و إن البنان كما ذكر فى الآية السابقة
هو أطراف الأصابع التى فيها البصمات و نحن نعلم دقة هذه البصمات فى الصنع الإلهى
إلى حد ما و ما خفى منها أعظم بكثير و كثير مما علمناه و مما سنعلم إن شاء الله
و قضية البعث و النشور قضية حسمها القرآن بالأدلة القاطعة و البراهين الساطعة
فلا ينكر البعث إلا من سفه نفسه و فقد عقله و قلبه
و لا يقبل الله إيمان عبد لم يؤمن باليوم الآخر أبدا
لان الإيمان به ركن من أركان الإيمان بلا منازع
و قد سمى الله يوم القيامة يوم الجمع
لأنه يجمع فيه عباده جميعا فى أقرب من لمح البصر ( و ما ذلك على الله بعزيز )
و نختتم شرح و تفسير أسم الله الأعظم
بهذا الدعاء لأبى الحسن الشاذلى
اللهم يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه
أجمع بيننا و بين الصدق و النية و الأخلاص و الخشوع
و الهيبة و الحياء و المراقبة و النور و اليقين و العلم
و المعرفة و الحفظ و النشاط و القوة و الستر و المغفرة
و الفصاحة و البيان و الفهم فى القرآن و خصنا بالمحبه و الأصطفاء و التخصيص و التولية
و كن لنا سمعا و بصرا و لسانا و قلبا و عقلا و يدا و مؤيدا
أأتنا العلم النافع و العمل الصالح
و الرزق الهنئ الذى لا حجاب به فى الدنيا
و لا حساب و لاسؤال و لا عقاب عليه فى الآخرة
على بساط علم التوحيد و الشرع سالمين من الهوى و الطمع
و أدخلنا مدخل صدق و أخرجنا مخرج صدق و أجعل لنا من لدنك سلطانا نصيرا
آمين يارب العالمين