ممَا جَاءَ فِي التَّشَهُّدِ فِي سَجْدَتَيْ السَّهْوِ )
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ
أَخْبَرَنِي أَشْعَثُ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْأَبِي الْمُهَلَّبِ
عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضى الله تعالى عنه أنه قال :
( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ و على آله و صحبه وَ سَلَّمَ
صَلَّى بِهِمْ فَسَهَا فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ تَشَهَّدَ ثُمَّ سَلَّمَ )
قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ
عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ وَ هُوَ عَمُّ أَبِي قِلَابَةَ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ وَ رَوَى مُحَمَّدٌ هَذَا الْحَدِيثَ
عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ وَ أَبُو الْمُهَلَّبِ اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو
وَ يُقَالُ أَيْضًا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو وَ قَدْ رَوَى عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ وَ هُشَيْمٌ
وَ غَيْرُ وَاحِدٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ بِطُولِهِ
وَ هُوَ حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ
سَلَّمَ فِي ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ مِنْ الْعَصْرِ فَقَامَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ الْخِرْبَاقُ
وَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي التَّشَهُّدِ فِي سَجْدَتَيْ السَّهْوِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ يَتَشَهَّدُ فِيهِمَا وَ يُسَلِّمُ
وَ قَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَ فِيهِمَا تَشَهُّدٌ وَ تَسْلِيمٌ وَ إِذَا سَجَدَهُمَا قَبْلَ السَّلَامِ لَمْ يَتَشَهَّدْ
وَ هُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَ إِسْحَقَ قَالَا إِذَا سَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ لَمْ يَتَشَهَّدْ .
الشــــــــــــــــروح
قَوْلُهُ : ( أَخْبَرَنِي أَشْعَثُ )
هُوَ أَشْعَثُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ثِقَةٌ فَقِيهٌ ( عَنِ ابْنِ سِيرِينَ ) هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ الْبَصْرِيُّ
ثِقَةٌ ثَبْتٌ عَابِدٌ كَبِيرُ الْقَدْرِ كَانَ لَا يَرَى الرِّوَايَةَ بِالْمَعْنَى .
قَوْلُهُ ) : فَسَهَا فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ، ثُمَّ تَشَهَّدَ ، ثُمَّ سَلَّمَ )
فِيهِ دَلِيلٌ لِمَنْ قَالَ بِالتَّشَهُّدِ بَعْدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ وَ هُمُ الْحَنَفِيَّةُ وَ غَيْرُهُمْ .
قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ )
أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَ ابْنُ حِبَّانَ وَ الْحَاكِمُ وَ سَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ وَ ذَكَرَ الْمُنْذِرِيُّ
تَحْسِينَ التِّرْمِذِيِّ وَ أَقَرَّهُ : قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ ،
وَ قَوْلُ التِّرْمِذِيِّ حَسَنٌ غَرِيبٌ مَا لَفْظُهُ : وَ قَالَ الْحَاكِمُ : صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ
وَ ضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَ غَيْرُهُمَا وَ وَهِمُوا رِوَايَةَ أَشْعَثَ لِمُخَالَفَتِهِ غَيْرَهُ
مِنَ الْحُفَّاظِ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ التَّشَهُّدِ :
وَ رَوَى السَّرَّاجُ مِنْ طَرِيقِ سَلَمَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ أَيْضًا فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ :
قُلْتُ لِابْنِ سِيرِينَ فَالتَّشَهُّدُ ؟ قَالَ : لَمْ أَسْمَعْ فِي التَّشَهُّدِ شَيْئًا ،
وَ كَذَا الْمَحْفُوظُ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ التَّشَهُّدِ
كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ ، فَصَارَتْ زِيَادَةُأَشْعَثَ شَاذَّةً ،
وَ لِهَذَا قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ : لَا أَحْسَبُ التَّشَهُّدَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ يَثْبُتُ ،
لَكِنْ قَدْ وَرَدَ فِي التَّشَهُّدِ فِي سُجُودِ السَّهْوِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِي دَاوُدَ وَ النَّسَائِيِّ
وَ عَنِ الْمُغِيرَةِ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ ، وَ فِي إِسْنَادِهِمَا ضَعْفٌ ،
فَقَدْ يُقَالُ : إِنَّ الْأَحَادِيثَ الثَّلَاثَةَ فِي التَّشَهُّدِ بِاجْتِمَاعِهَا تَرْتَقِي إِلَى دَرَجَةِ الْحَسَنِ ،
قَالَ الْعَلَائِيُّ : وَ لَيْسَ ذَلِكَ بِبَعِيدٍ ،
وَ قَدْ صَحَّ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ قَوْلِهِ : أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، انْتَهَى .
قَوْلُهُ : ( وَ رَوَى ابْنُ سِيرِينَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ
وَ هُوَ عَمُّ أَبِي قِلَابَةَ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ )
يَعْنِي أَنَّ ابْنَ سِيرِينَ رَوَى غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ
مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةِ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ : وَ أَمَّا حَدِيثُ الْبَابِ فَرَوَاهُ بِوَاسِطَةِ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ
عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ ( وَ رَوَى مُحَمَّدٌ ) أَيِ ابْنُ سِيرِينَ ( هَذَا الْحَدِيثَ )
أَيِ الْمَذْكُورَ ( عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ ) قَالَ ابْنُ حِبَّانَ :
مَا رَوَى ابْنُ سِيرِينَ عَنْ خَالِدٍ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ ، ذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَ قَالَ : هُوَ مِنْ رِوَايَةِ الْأَكَابِرِ عَنِ الْأَصَاغِرِ ، انْتَهَى .
قُلْتُ : مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ مِنَ الطَّبَقَةِ الثَّالِثَةِ وَ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ مِنَ الطَّبَقَةِ الْخَامِسَةِ ،
وَ لِذَلِكَ قَالَ الْحَافِظُ هُوَ مِنْ رِوَايَةِ الْأَصَاغِرِ
( وَ هُوَ حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَ لَفْظُهُ :
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ صَلَّى الْعَصْرَ وَ سَلَّمَ فِي ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ ،
ثُمَّ دَخَلَ مَنْزِلَهُ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ الْخِرْبَاقُ وَ كَانَ فِي يَدَيْهِ طُولٌ
فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَذَكَرَ لَهُ صَنِيعَهُ وَ خَرَجَ غَضْبَانَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ
حَتَّى انْتَهَى إِلَى النَّاسِ ، فَقَالَ :
أَصَدَقَ هَذَا ؟
قَالُوا : نَعَمْ ، فَصَلَّى رَكْعَةً ، ثُمَّ سَلَّمَ ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ، ثُمَّ سَلَّمَ .
قَوْلُهُ : ( وَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي التَّشَهُّدِ فِي سَجْدَتَيِ السَّهْوِ )
أَيْ إِذَا سَجَدَهُمَا بَعْدَ السَّلَامِ مِنَ الصَّلَاةِ أَمَّا قَبْلَ السَّلَامِ فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُعِيدُ التَّشَهُّدَ .
وَ حَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنِ اللَّيْثِ أَنَّهُ يُعِيدُهُ ، وَ عَنِ الْبُوَيْطِيِّ عَنِ الشَّافِعِيِّ مِثْلَهُ ،
وَ خَطَؤُهُ فِي هَذَا النَّقْلِ فَإِنَّهُ لَا يُعْرَفُ ، وَ عَنْ عَطَاءٍ يَتَخَيَّرُ ،
وَ اخْتُلِفَ فِيهِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ ، وَ أَمَّا مَنْ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ
فَحَكَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَحْمَدَ وَ إِسْحَاقَ أَنَّهُ يَتَشَهَّدُ ،
وَ هُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ وَ الشَّافِعِيَّةِ وَ نَقَلَهُ أَبُو حَامِدٍ الْإسْفَرَايِينِيُّ عَنِ الْقَدِيمِ ،
لَكِنْ وَقَعَ فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيِّ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ ، يَقُولُ : إِذَا سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ تَشَهَّدَ
أَوْ قَبْلَ السَّلَامِ أَجْزَأَهُ التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ ، وَ تَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ هَذَا النَّصَّ عَلَى أَنَّهُ تَفْرِيعٌ
عَلَى الْقَوْلِ الْقَدِيمِ ، وَ فِيهِ مَا لَا يَخْفَى كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي
( فَقَالَ بَعْضُهُمْ يَتَشَهَّدُ فِيهِمَا وَ يُسَلِّمُ ) لِحَدِيثِ الْبَابِ
( و َقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَ فِيهِمَا تَشَهُّدٌ وَ تَسْلِيمٌ )
أَمَّا عَدَمُ التَّشَهُّدِ فَلِعَدَمِ ذِكْرِهِ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ ،
وَ أَمَّا عَدَمُ التَّسْلِيمِ فَلَيْسَ لَهُ وَجْهٌ ، فَقَدْ ثَبَتَ فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ
عِنْدَ مُسْلِمٍ وَ غَيْرِهِ التَّسْلِيمُ فِي سَجْدَتَيِ السَّهْوِ ،
فَفِيهِ : فَصَلَّى رَكْعَةً ، ثُمَّ سَلَّمَ ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ، ثُمَّ سَلَّمَ ،
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ : فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ التَّسْلِيمِ فِي سُجُودِ السَّهْوِ ،
وَ قَدْ نَقَلَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَنِ النَّوَوِيِّ أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ لَا يُثْبِتُونَ التَّسْلِيمَ ،
وَ هُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ عَنِ الشَّافِعِيَّةِ ، وَ الْمَعْرُوفِ فِي كُتُبِهِمْ ،
وَ خِلَافُ مَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فَإِنَّهُ قَالَ :
وَ الصَّحِيحُ فِي مَذْهَبِنَا أَنَّهُ يُسَلِّمُ وَ لَا يَتَشَهَّدُ ، انْتَهَى .
دعاء من أخينا مالك لأخته يرحمها الله و إيانا
و لموتانا و جميع موتى المسلمين يرحمهم الله
اللـهـم إنها فى ذمتك و حبل جوارك فقها فتنة القبر و عذاب النار ,
و أنت أهل الوفاء و الحق فأغفر لها و أرحمها أنك أنت الغفور الرحيم.
اللـهـم إنها أمتك و بنت عبدك خرجت من الدنيا و سعتها و محبوبيها و أحبائها
إلي ظلمة القبر اللهم أرحمها و لا تعذبها .
اللـهـم إنها نَزَلت بك و أنت خير منزول به و هى فقيرةً الي رحمتك
و أنت غني عن عذابها .
اللـهـم اّتها برحمتك و رضاك و قِها فتنه القبر و عذابه
و أّتها برحمتك الأمن من عذابك حتي تبعثها إلي جنتك يا أرحم الراحمين .
اللـهـم أنقلها من مواطن الدود و ضيق اللحود إلي جنات الخلود .
أنْتَهَى .
وَ اللَّهُ تَعَالَى أعلى و أَعْلَمُ. و أجل و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم ( نسأل الله أن يرزقنا إيمانا صادقاً و يقينا لاشكّ فيه )( اللهم لا تجعلنا ممن تقوم الساعة عليهم و ألطف بنا يا الله )( و الله الموفق )